- أسماء الله الحسنى
- /
- ٠2أسماء الله الحسنى 2008م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
من أسماء الله الحسنى: ( المصوِّر ):
الحظوظ الدنيوية موزعة توزيع ابتلاء:
أيها الإخوة الأكارم، لا زلنا في اسم ( المصور )، وفي اللقاء السابق بينتلكم بفضل الله عز وجل أن الله سبحانه وتعالى وزع الحظوظ على خلقه توزيع ابتلاء في الدنيا، وسوف توزع في الآخرة توزيع جزاء، وهذا الكلام يعني:
(( أن هذه الدنيا دار ابتلاء، وليست دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لسقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سبب، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي ))
الإنسان الذي أوتي حظاً من الذكاء عالياً له حساب خاص، والذي لم يتح له أن يدرس له حساب خاص، والذي أوتي المال له حساب خاص، فالعبرة لا أن تكون غنياً أو قوياً، العبرة أن تنجح في امتحانك، فإذا نجحت في امتحانك نلت الدرجات العلا، هذا الشيء يسع جميع الناس، كل إنسان بحسب ما أقامه الله عز وجل، قد ينجح، ويتفوق، وقد يصل إلى أعلى درجات الجنة، والإنسان له ظروف، له إمكانات، له قدرات، له بيئة، عاش في عصر معين، عاش في ظروف وضغوط معينة، في عقبات، في صوارف، هذا المعنى يؤكده النبي عليه الصلاة والسلام، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ ))
(( كيف بكم إذ فَسَقَ فِتْيانُكم، وطغى نِساؤُكم ؟ قالوا : يا رسول الله، وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال: نعم، وأشدُّ، كيف بكم إذا لمْ تأمروا بالمعروفِ ولم تَنْهَوْا عن المنكر ؟ قالوا: يا رسول الله، وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم، وأشدُ، كيف بكم إذا أمرتُم بالمنكر ونهيُتم عن المعروف ؟ قالوا : يا رسول الله وإنَّ ذلك لكائن ؟ قال : نعم وأَشدُّ كيف بكم إذا رأيتُمُ المعروفَ منكرا والمنكرَ معروفا ))
البيت من الشعر الذي دخل صاحبه السجن في عهد عمر شعار كل إنسان الآن:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
***
لذلك الحظوظ التي وزعت في الدنيا توزيع ابتلاء، وسوف توزع في الآخرة توزيع جزاء.
المنافسة على الدنيا سباق الحمقى:
لكن أحياناً يتساءل الإنسان عن سباق أحمق بين الناس، يسعى أحدُهم جهده لجمع أكبر ثروة مالية، ويضحي بدينه، ومبادئه، وقيمه، ويكذب، ويبتز أموال الناس، ثم يموت ، يسعى إلى أن يكون في أعلى درجات الانغماس في الملذات، وبعد أن يصل إلى هذا الهدف يأتيه ملك الموت.
تصور سيارات متسابقة، في نهاية المطاف حفرة ما لها من قرار، الكبيرة سقطت، والصغيرة سقطت، والحديثة سقطت، والقديمة سقطت، ما هذا السباق !.
من هنا قال عليه الصلاة والسلام ـ دققوا ـ:
(( بادِرُوا بالأعمال سبعا: هل تُنْظَرون إلا فَقْرا مُنْسيا، أو غِني مُطغيا، أو مَرَضا مُفسِدا، أو هَرَما مُفنِدا، أو موتا مُجْهِزا، والدجالَ ؟ والدَّجَّالُ شَرُّ غائب يُنَتظَرُ والساعةَ ؟ والساعةُ أدْهَى وأمرُّ ))
فنحن جميعاً، ولا أستثني أحدًا في الأرض هل يمكن أن نستيقظ كل يوم كاليوم السابق إلى ما شاء الله ؟ أبداً، هناك مفاجأة، فقد ينشأ فقر طارئ، وكيل شركة سُحبت الشركة منه، عليه التزامات،
(( أو غِني مُطغيا ))
اغتنى ففسق وفجر،
(( أو مَرَضا مُفسِدا أو هَرَما مُفنِدا، أو موتا مُجْهِزا، أو الدجالَ ؟ ))
ما أوسع أقواله، وما أبعده عن أقواله،
(( فشَرُّ غائب يُنَتظَرُ، أو الساعةَ ؟ والساعةُ أدْهَى وأمرُّ ))
من بنود اسم ( المصوِّر ):
إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ:
من بنود هذا الاسم العظيم ( المصور )، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ))
كيف ذلك ؟
الله عز وجل صوَّر آدم، أعطاه صورة، وجعل له سمعاً، والله سميع، وجعل له بصراً، والله بصير، وجعل له علماً، والله عليم .
أيها الإخوة، هذه الصفات يصح إطلاقها في حق الذات الإلهية، ويصح إطلاقها في حق الإنسان، ما من إنسان عالم ؟ والله عز وجل عليم، ما من إنسان سميع ؟ والله سميع، لكن كل ما خطر في بالك فالله بخلاف ذلك.
إثبات صفات الله بغير تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف:
ذكرت لكم تعريفاً صغيراً: أن الله خالق، يخلق كلَّ شيء مِن لا شيء، وبلا مثال سابق، فإذا عُزي الخلق إلى الإنسان فبمعنى أنه يصنع شيئًا من كل شيء، وفق مئات الأمثلة السابقة، والفرق كبير بين نسبة الخلق إلى الله ونسبة خلق الإنسان، فلذلك:
﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾
واحد أحد، فرد صمد:
﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾
بعض كبار العلماء يقول: " ما من شيئين إلا بينهما قدر مشترك، وقدر غير مشترك، فمن نفى القدر المشترك فقد عطل أسماء الله وصفاته، ومن نفى القدر الفارق فقد مثّلت الله بمخلوقات، الله عز وجل حينما وصف ذاته العلية ببعض الصفات، وصف نفسه بأنه سميع، إذا نفيت أن يكون له سمع غير ذاته فقد عطلت اسمًا من أسمائه، وإذا شبهت سمعه بسمع الإنسان فقد مثلته، فالصفات المتعلقة بالذات الإلهية ممنوع أن تلغيها، وممنوع أن تجسدها، وينبغي أن تفوض، أو أن تؤوّل، التأويل موقف مقبول أحياناً، أما التفويض فأكمل، أنا أفوض الله في معنى سمعه، ومعنى بصره، ومعنى:
﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ ﴾
كيف يجيء ؟
ومعنى:
﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾
أنا أفوض معاني هذه الصفات التي وصف الله بها نفسه إلى ذات الله، وهو أكمل موقف إيماني، حينما أريد أن أوضح لأناس إيمانهم ليس كما ينبغي التأويل، لكن ممنوع أن ألغي، وأن أنفي، فإذا نفيت عطلت صفات الله، وممنوع أن تمثِّل، لأنك جسّدت هذه الصفات كصفات الإنسان.
اتصاف المخلوق ببعض صفات الخالق:
لكن من الصفات المشتركة التي قد يفهم منها قول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ على صورَتِهِ ))
1 – الاختيار والمشيئة:
أن الله عز وجل مريد، يفعل ما يريد.
﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
(( ما شاءَ اللهُ كانَ، وما لم يشأْ لم يكن ))
﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾
والإنسان لكرامته عند الله جعله مختاراً.
﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾
﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾
﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾
كما أن الله مريد، ويفعل ما يريد:
﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾
(( ما شاءَ اللهُ كانَ، وما لم يشأْ لم يكن ))
هذه الصفة التي وصف بها نفسه منحها للإنسان، لكرامته عنده، أنت المخلوق الأول.
أتحسب أن جرم صغيـر وفيك انطوى العالم الأكبر
***
2 – الفردية الخَلقية:
أيها الإخوة، الله عز وجل فرد واحد أحد، فرد صمد، ومنحك هذه الصفة، ليس في أهل الأرض من آدم إلى يوم القيامة إنسان يشبهك.
لك قزحية عين لا يشبهك فيها إنسان آخر، والآن في المطارات يأخذون صورة قزحية العين، هذه الهوية الحقيقية.
ولك رائحة جلد تنفرد بها من بين الستة آلاف مليون، ولولا هذه الرائحة لما كان من جدوى إطلاقاً في عمل الكلاب البوليسية.
ولك نبرة صوت ليس على وجه الأرض إنسان يشبهك بها.
ولك بصمة يد هي هوية فرد.
ولك زمرة نسيجية، فالأطباء الذين يزرعون بعض الأعضاء يعرفون هذه الحقيقة، لك زمرة نسيجية لا يمكن أن يكون في الأرض إنسان زمرته كزمرتك.
وثبت أخيراً أن نطفتك تتميز بها عن كل البشر، هذه النطفة وبلازما الدم موضوع طويل.
لذلك كما أن الله سبحانه وتعالى فرد منحك هذه الصفة.
أما صناعة الإنسان فتشابه وتتطابق، يعطون القطعة رقمًا، فيكون التمايز بالرقم، لكنك أنت ليس لك رقم، لكن لك هيئة تتميز بها، لك طريقة في الحديث، طريقة في المشي، طريقة في الجلوس، طريقة في التفكير، طريقة في ارتداء ثيابك، لك شكل معين، قوام معين، طول معين، لون معين، وحركات معية، أنت نسيج وحدك، وهذا من فضل الله عليك.
فالله عز وجل مريد، وجعلك مريداً، وهو فرد صمد، وجعلك فردًا لا شبيه لك.
3 – الإبداع:
وهو مبدع.
﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ﴾
لما خلق الأشياء على شكل ذكر وأنثى وجينات، فأنت طورت، وفي هولندا استنبتوا وردة سوداء عن طريق التعديل في الجينات، و استنبتوا أشجارا عملاقة مقزمة، هذا بحث طويل، حينما تحكم الإنسان في الجينات أبدع أشياء كثيرة.
فالله عز وجل كما أنه:
﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
4 – التشريع والاجتهاد فيما لا نص فيه:
سمح لك أن تبدع عن طريق الجينات، والله عز وجل مشرِّع، لكن سمح لك أن تشرع، كيف ؟ عن طريق النص ظني الدلالة، فلو أن كل النصوص قطعية الدلالة فلن تجد إنسانًا مشرّعًا، ولا مجتهدًا، ولا فقيهًا، الله عز وجل كان من الممكن أن تكون آيات القرآن الكريم كلها قطعية الدلالة، أما حينما تأتي آية ظنية الدلالة، أو حديث صحيح ظني الدلالة فالعلماء اجتهدوا، وفهموا هذا النص فهماً موسعاً.
إذاً: سمح الله لك أن تشرع عن طريق النص ظني الدلالة، وسمح الله لك أن تبدع عن طريق الجينات، وسمح لك أن تكون فرداً، وسمح لك أن تكون مريداً، وهذا مما يفهم ـ اجتهاداً طبعاً وليس قطعاً ـ من قول النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري:
(( إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ على صورَتِهِ ))
من تطبيقات اسم ( المصوِّر ):
أيها الإخوة، من تطبيقات هذا الاسم، نحن في كل درس إن شاء الله نقول:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾
يعني تقرب إلى الله بكمال مشتق من كماله، هو مصور.
﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾
1 – إتقان الصنعة وإخراجُها في أحسن صورة:
أنت إذا صنعت شيئاً اجعله بصورة حسنة، والعالم الغربي برع في هذا بضاعته متقنة جداً، وجميلة جداً، ولها غلاف رائع، فإذا صنعت شيئاً ينبغي أن تصنعه وفق صورة حسنة، كأنك تشتق هذا الكمال من الله عز وجل ، وتتقرب به إلى الله، لذلك اجعل الإتقان والجمال في صنعتك.
أحيانا يكون الجمال، لكن بغير إتقان، اعتناء بغلاف الكتاب فقط، والكتاب مصور تصويرًا عشوائيًا، وهناك صناعة كبيرة جداً ظاهرها جميل، وباطنها غير متقن، هذا يعد غشاً، وأنا أقول: اجعل الإتقان والجمال باطناً وظاهراً لما تقدِّمه للناس من صناعة، أو من إنتاج.
النبي الكريم عليه أتم الصلاة والتسليم حينما دُفن ابنه إبراهيم، الذي حفر القبر ترك فيه فرجة صغيرة، قبر ! فقال عليه الصلاة والسلام:
(( إن هذه لا تؤذي الميت، ولكنها تؤذي الحي ))
(( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ))
عندك مفتاح كهربائي مائل، تتضايق، يقوم بوظيفته كاملة ! لمَ لمْ يضعه على الشاقول ؟ أو على المتوازي ؟ تتضايق:
(( إن هذه لا تؤذي الميت، ولكنها تؤذي الحي ))
(( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ))
إذاً: إتقان الصنعة جزء من الدين، هذا إتقان الصنعة ليكون مظهرها جيداً، وهناك عدم إتقان يودي بحياة إنسان، فقد لا تتقن معالجة مريض، ولا تبلغه أن هذا الدواء يسبِّب حساسية، وأنت معك حساسية مثلاً، قد تكون حساسية قاتلة، وقد لا تنتبه فتعطي عيار الدواء لكبير، وهو طفل صغير.
أيها الإخوة،
(( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ))
2 – حسنُ الصورة الظاهرة:
النبي عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه مرة:
(( إنكُم قادِمُونَ على إخوانكم، فَأصْلحُوا رِحَالَكُم، وأصلحوا لِبَاسَكُم، حتى تكونوا كأنَّكم شَامَةٌ في النَّاسِ ))
لماذا غير المؤمن أنيق جداً ؟ وثيابه جيدة ؟ وألوانه متناسبة ؟ وبيته جميل ؟,مكتبته جميلة ؟ لماذا المؤمن يهمل مظهره أحياناً ؟ هذا حديث شريف:
(( فَأصْلحُوا رِحَالَكُم، وأصلحوا لِبَاسَكُم، حتى تكونوا كأنَّكم شَامَةٌ في النَّاسِ ))
المطلوب بحسب هذا الاسم، أنا لا أقول: اشترِ ثياب غالية، أبداً، ثيابك العادية البسيطة اجعلها نظيفة، واجعل بينها تناسقاً فقط، محلك التجاري نظِّمه، فقد تدخل محلاًّ والعياذ بالله، أو صيدلية، فلا تجد دواء في محله، أكوام في الأرض، الغبار، تنفر نفسك من هذه الصيدلية، وصاحبه مسلم، أنت مسلم يجب أن تكون في أعلى درجة من الأناقة، والشكل الحسن، لذلك الصورة الحسنة، والعناية بالجسم، وباللباس، وبالبيت، وبمكان العمل، وبالمركبة، هذه من لوازم المؤمن.
مرة ثانية، ينبغي أن نتقرب إلى الله بكمال مشتق من كماله:
﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾
﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾
الحقيقة أن الجمال حاجة أساسية في الإنسان، والإنسان يرتاح لبيت نظيف، وألوانه متناسقة، أنا لا أقول أبداً: أن تكون غنياً، لكن يرتاح الإنسان لبيت ما فيه حاجات غير مستعملة، تجد أحياناً مئة حاجة في البيت لا تستعمل، لكنها عبء، منظرها عبء، فكلما جعلت البيت بسيطاً وأنيقاً، ونظيفاً ارتاحت نفسك في البيت وشدك إليه.
إنّ الأب الذي يعتني بالبيت يشدّ أبناءه إليه، وإذا كان البيت مهملاً جداً ينفر الابن منه، وأكثر أوقاته في الطريق مع رفاقه، لأن البيت غير مريح، فالعناية بالبيت أنا أراها حكمة بالغة من الأب، والعناية بالبيت تجذب الابن إلى البيت.
إن الله جميل يحب الجمال:
الحديث الشريف:
(( إن الله جميل يحب الجمال ))
كلام كالشمس واضح.
(( ويحب معالي الأمور، معالي الأمور ويكره سفسافها ))
هناك رجلٌ أنيق جداً، لكنه يتكلم بكلام بذيء جداً، قال له أحدُهم: إما أن ترتدي ثياباً كهذا الكلام، أو أن تتكلم كهذه الثياب.
(( إن الله جميل يحب الجمال ))
ويحب مع الجمال:
(( معالي الأمور، ويكره سفسافها ))
ويحب أن يرى نعمته على عبده.
والله حدثني إنسان قال لي: شخص قد من كثرة ما هو بائس، ووضعه بائس، تحاول أن تدفع له صدقة أحياناً، ولما مات ترك مئات الملايين، لماذا البؤس والتباؤس ؟.
(( من جلس إلى غني فتضعضع له ذهب ثلثا دينه ))
(( إن الله جميل يحب الجمال ))
(( ويحب معالي الأمور ويكره سفسافها ))
ويحب أن يرى نعمته على عبده، والله أعطاك، لذلك:
(( ليس منا من قتر على عياله ))
(( ويكره البؤس والتباؤس ))
أن تتمسكن، شيء غير أنيق، أو يكون لك مظهر منفر:
(( ويكره البؤس والتباؤس ))
لذلك أثنى الله على الفقراء الذين:
﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾
لا يخطر في بالك إطلاقاً أن هذا محتاج، لذلك:
﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾
جاء ذكرهم في كلمة:
﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾
لأنه لا يسأل يُحرم، والذي يسأل ويلح، ويقتحم عليك اقتحاماً تعطيه أحياناً، فالبطولة أن تعطي مَن لا يسأل، تعطي المتعفف.
خاتمة:
أيها الإخوة، من أدعية النبي لهذا الاسم كان إذا سجد يقول:
(( اللَّهمَّ لَكَ سَجدْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، ولَكَ أسلَمتُ، وأنْتَ رَبِّي، سَجَدَ وَجْهي لِلَّذي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمعَهُ وبَصرَهُ تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقينَ ))
وفي دعاء آخر:
(( أنت ربي، وأنا عبدُكَ، ظَلَمْتُ نَفسي، واعتَرفْتُ بذنبي، فاغفِر لي ذُنُوبي جميعاً، لا يغفر الذُّنُوبَ إِلا أنْتَ، واهدني لأحْسنِ الأخلاقِ لا يَهْدي لأحسنِها إلا أنت وَاصرفْ عَني سَيِّئَها، لا يصرفُ عني سَيِّئَهَا إِلا أنتَ ))
وفي النهاية إذا وقف أمام المرآة، ورأى خلقه، كان يقول:
(( الحمد لله الذي حسن خَلقي وخُلقي ))